من نصرالدين / الزقل الى ابوعبيده ابن الجراح

[justify]

عزيزي الغالي ابن الجراح

أنا الراسل إليك الزقل وليست اناملى ولاخواطرى وليس شعرا ولا نثرا صدقني الراسل إليك هو قلبي والمرسل إليه أيضا قلبك, عذرا على تلك البداية المباشرة بلا مقدمات ولاتحية فأنا عندما أكتب تهرب كلماتى وتتناثر حروفي شوقا إليك بعد غياب امتد لسنون طويلة أيها الرقيق ابن الجراح ( ابوعبيده )
لقد قرأت مقالك بتمعن ووقفت عندها الملم ماتبعثر من ذكرياتي نعم قد تراني محبطا والإحباط ينطوي تحت مسماه حالات متباينة وتظهر في شكل من أشكال السلوك التي يمكن أن تتشابك فيه عناصر من الحاضر والماضي ويمكن أن تتدخل فيه عناصر من المستقبل.
في قريتي الجميلة هناك في ولاية الجزيرة الكل قد سمع عنها أوقد وفقه الله لزيارتها . لا تحتاج إلى وصف واعتقد إن الزائر الذي يقف بين أحضانها يشاطرني ذلك. إنها وبكل اختصار روعه وزهره تفوح بعبير العطر . من هناك من قريتي الدناقلة بدأت رحلتي نحو التميز ومعرفه الحياة . من بين أحضان تلك القرية حيث البيوت الباليه العامرة ومن بين غابات السنط الباسقة ومن بين تربتها الخصبة وحصحاصها الأسود الذي كنا نفترش به منازلنا عوضا عن السيراميك والموكيت وحصاها الأبيض في تلك التلال الصغيرة المطلة على جارتنا كردقيلى ماأروعك ياأبوالكيلك وعبدالله حبيب الله وعبدالجليل على يوسف حينما تأمرنا بجمع عشرين صفيحه لعمل الصبه أو بما يسمى بالبيم فى ذلك الزمان من ذلك الحصى الأبيض. كان هناك أول عش لي وأخواني وضعه أبي في بداية عمره . وبعد رحلات متعددة أثناء عملي في الشرطة إلى مناطق شتى في وطني السودان الحبيب عرفت الكثير عن الحياة . وأدركت الكثير من الأخبار عرفت, درست, تعلمت . وخرجت بشيء اسمه إن الحياة مدرسه . يجيد فيها البعض بينما تغيب عن البعض الأخر . في قريتي الدناقلة لم أكن اعرف الكذب والنفاق و السب ولا لالالالا...... غيره من الأخلاق القبيحة بل بعد سيري في الحياة وصلت إلى أشياء كان مجرد الحديث عنها . يحرك كل أعصابي وجوارحي واليوم أجد من ذلك الأمر طبيعي .
في قريتي تعلمت كيف أحب لكن لم أكن أدرك إن هذه الكلمة الجميلة تعمد البعض تشويهها . والنيل منها وإخراجها عن معناها الصحيح . في قريتي تعلمت كيف أسدي الخير إلى الناس بلا طلب ولا انتظار جزاء . لم أكن اعرف أنهم تمردوا عليه وإن الخير اليوم أصبح يعلن في مزاد البيع والشراء .
تعلمت الصمت كثيراُ إلا لحاجه . ولم أكن اعرف إن الصمت قبيح عندهم ومذموم . تعلمت إن أقول الحق . ولم أكن اعرف إن الحق اليوم غريب بين أهله . تعلمت في قريتي الصراحة ولم أكن اعرف إن الضمائر تخفي والأصحاب يعرفون فيك أخطاء يحملهم الحياء على إخبارك بذالك . تعلمت في قريتي إن الناس سواسية ولم أكن اعرف إن الرجل لاليوم يقدم على غيره لماله ووجاهته ولو كان بلادين . واليوم أريد أن عيش بتلك النفسية ولكن بعد فوات الأوان . قريتي الدناقلة سامحيني فها أنا اليوم ادخل إلى عالم سبقني إليه الكثير . وأرجوك أن تكوني مطمئنه فأنا قد حرصت على الرفقة الصالحة واعتقد إني الآن بينهم . وأخبرك أنهم قد رحبوا بي كثيراً في مقالاتي وسوف أجد ما اخذ منى على حين غفلة . يا قريتي الدناقلة تخرجت منك على الفطرة وحياة التمدن والغربة أخذت منى أكثر مما أعطيك ,عندما أعود سوف أخبرك عن هذا العالم الذي دخلته. ولا تخافي فسوف أوافيك بكل جديد عن هذا العالم ِِ
]