فترة الخصوبة الاجتماعية فى الحلة

كل عام والجميع بخير
عفوا سادتى فان كلمة (الحلة)محببة عندى أكثر من كلمة القرية لذلك استعملها كأساس
كانت فترة السبعينات التى شهدت نهضة اجتماعية لم يسبق لها مثيل اذ ازدهرت العلاقات بصورة واضحة بين شباب الحلة وكانت الحلة مقسمة لعدد من البيوت نجتمع فيها ناكل ونشرب ونتسامر ونلعب الورق بلعب برئ ثم نفس المجموعة تذهب فى العصريات للعب كرة القدم فى ملعب مركز الشاب الذى بناه الاحباب بعرق جبين وخدمة يمين

الحلة كانت مصدرا للاشعاع الثقافى لمواطنها وامتد ذلك الاشعاع ليصل القرى من حولنا فى تكاتف وتالف اجتماعى لم يسبق له مثيل
كان الحب بين الجميع ولافرق بين طالب الجامعة والامى نأكل فى نفس الصحن نحكى بنفس اللغة نلعب بنفس الكورة وفى الامسيات كان التنافس على أشده فى الذى يكون مسئولا عن العشاء وشاى المغرب
العشاء لم يكن فيه طموحا أكثر من الشعيرية والقراصة التى كانت الاكلة الشعبية الاولى فى الحلة

كنا وقتها طلاب فى المرحلة الثاموية وصادف ان امتدت الاجازة لفترة اطول بسبب تغيير السلم التعليمى مما منحنا فرصة اكبر للتعارف والتوالف وكانت بداية فترة حكم مايو فكرنا فى عمل مركز لشباب الدناقلة يضم النواحى الثقافية والرياضية والترفيهية
يبدا البرنامج من الصباح الباكر حيث يتوجه الجميع للمركز كل فى تخصصه ملم يطلب البناء او النجار او النقاش اجرة الكل كان يعمل بروح الجماة وبدون التفكير فى الاجر وبروح شبابية ونفس غائرة تم العمل واكتمل وكان من اوائل مراكز الشباب على مستوى السودان والحقيقة تقال ان البناء عندما بدأ كان التفكير ان نبنى نادى ثقافى للحلة وعندما اعلنت وزراة الشباب قيام مراكز الشباب كان المبنى مهيا ليسجل كأول مركز قرية فى السودان ونافس حينها المدن الكبيرة فى منافسات كرة القدم والكرة الطائرة واذكر اننا وصلنا الى المباراة النهائية فى الكرة الطائرة ضد مركز الدويم

اكتمل بناء المركز بجهود شباب الدناقلة وتم تسجيله ليجد الدعم اللازم كمؤسسة حكومية من وزارة الشباب بمدنى وتم تصديق مولد كهرباء لاأنسى اليوم الذى حضر فيه الفنى من مدنى واضاء المركز بورة ظلت عالقة
تم التصديق بتلفزيون كان الاشعاع الاول لثقافة الصورة المرئية كقرية رائدة فخرا لنا وللمنطقة وكانت وثبة حضارية تباهينا بها كثيرا خاصة مع القرى المنافسة
كانت الامسيات تجمع الناس فى بيوت تكفل اصحابها بكرم الضيافة دون من او اذى ولم نكن نفرق بين منزل فلان ودار علان
كان الصفاء وروح المحبة هى الطاغية بين شباب الدناقلة ومن اميز ما اشتهرت به تلك الفترة والتى قديرى البعض ان فيها نوع من المبالغة انها كانت فترة من أخطر فترات الشباب والتى قد تصاحبها ممارسات خاطئة او غير بريئة
وأشهد الله اانى كنت اقيم واخى عمر فى سنار مع الاسرة نترك اسرتنا الصغيرة لنحضر الحلة ونقضى معظم فترات الاجازة فى الحلة ولانرضى ان نبارحها الى ان تفتح المدارس فنرجع مضطرين مما يدل على طيب المعشر وحسن الاقامة وحلاوة المجتمع
ناذكرته انفا واشهد الله عليه انها كانت فترة قمة فى النضج الاجتماعى وكانت خلية تماما من الممارسات الخاطئة التى يقع فيها الشباب فى تلك السن

كانت معظم بيوت الدناقلة مفتوحة لنا وكنا لانفرق بين حى واخر وبين شخص واخر فالفطور يقد يكون فى منزل عبدالرحمن عبدالفتاح والغداء فى منزل محمد الشفيع والعشاء فى منزل محمد خمد الخضر
اليوم الذى يليه الفطور فى منزل بدرالين البشير والغداء فى منزل فتحى احمد بابكر والعشاء فى منزل الطيب قاسم
الصداقة كانت شبكة لاتفوقها الا الشبكة العنكبوتية فكما اسلفت لافرق بني الجامعى والامى وتحس بان الكل اخوة نتبادل القصص والنكات ببراءة لاتوجد عند غيرنا
نمزح داخل الملعب وخارجه نتحدى بعضنا فى المباريات المقسومة والمنتصر نهنئه والمهزوم نواسيه بروح الاخوة الحقة وداخل الملعب تجد ان ألد الخصوم قد يكون ابوعبيدة ضد شقيقه بدرالدين وقد يكون محمد الشفيع ضد اخيه عبده فى نزال وصراع لن تصدق العلاقة التىتحدث بعد نهاية المباراة مباشرة
كان فريق كرة القدم يضم فى تدريباته احرف من انجبت الحلة من لاعبين مهرة مع اقل الللاعبين مهارة فى تواد وتراحم وحماس قلما تجده
كان يتدرب الضو حسن الذى بسبب قوة تدريبات الحلة قد وصل بعدها بفترة قليلة الى المنتخب الوطنى واذكرانه كان ضمن الاحد عشر كوكبا الذين مثلوا السودان واحرز هدفا للمنتخب فى تنزانيا
هذه هى روح الجماعة التى كانت تجمعنا واظن اانى ارى ان تلك العلاقات والمحبة لازالت مسيطرة على نفوسنا حتى الان وباذن الله لايفرق قلوبنا الا الموت

كان توزيع الحب بيننا لايحكمه قرب منزل ولاصلة رحم كان الكل يحب الكل كان التسامح هو الصفة السائدة بيننا حتى الخلافات داخل الملعب لن تذهب الى ابعد من خط التماس بروح ود البلد الاصيل
كنا لانعرف للخمر طريقا ولااذكر اننى قد شاهدت شابا مخمورا أو دخلنا بيتا ووجدنا فيه مجرد التفكير فى شرب الخمر
ممارسة الرذيلة لم تكن فى تفكيرنا رغم طور المراهقة الذى كنا نعيشه اذا مررت بفتاة فى الطريق فلا تفكير الا فى انها اختك التى يجب ان تصون عرضها وتحميها علما بانه لايوجد من يفكر فى عمل شئ يخل بالاداب

كانت فترة ثرة حفلت بكثير من الانجازات الثقافية والرياضية وكان التنظيم جيدا بدءا بدكتور عبدالوهاب الىذ كان وقتها طالبا بجامعة الخرطوم ومعه كوكبة من الاداريين الاكفاء ثم خلفه بعد التخرج البروف عبدالرجمن عبدالفتاح وكانت القافلة الثقافية الرياضية تعانق السماء وتنشر الفن والثقافة والرياضة وتوزع البهجة فى الحلة وما جاورها
كانت البرامج معدة لقيام ليلة ثقافية من بداية الاجازة تكون اساسها مسرحية كبيرة وتصحبها هزليات اظهرت العديد من المواهب والصقت القاب لازالت هى الاسماء التى نتدوالها
محمود ودزائد(ود امحد احمد ودصديق)ومعير(مالك عمر عبيد) واسماء اخرى المجال لايسمح بسردها جميعا
كان اتلنافس على اشده فى ابراز المواهب فى مجالات التمثيل والاداء الراقى فى تقليد الاشخاص والتى كان يبدع فيها الخال محمد حمد وكانت فقرة تجد القبول من الجميع
كان البرنامج مصحوبا بمباراة فى كرة القدم مع تلك القرية التى نقدم لها الليلة الثقافية
وكان الفريق يضم فطاحلة من لعب كرة القدم بالدناقلة وكان التفوق هو ديدننا وكنا نجد التشجيع والمؤازرة من اهل القرى التى نتبارى معها
كانت القرى تحفنا بالكرم الفياض والترحيب مما كان يشجعنا على تكرار العودة

تلك كانت دردشة لمخزون عظيم فى ظهر الذاكرة التىتعج بالكثير الفخير وتلك فترة لو وزعت على مدن وقرى السودان لفاحت تباريح الهوى المنعش لشباب كانت حياته تحمل معنى الحب والمودة والتالف والتكاتف لايلهيها عن الذود عن الحلة شئ وتنظر لللحلة بعين الرضى وللاخوان كما انهم من بطن واحدة
هل نطمع فى بصيص امل فى رجوع ولو جزء من ذلك النسيج الاجتماعى الاستثنائى ؟

عفوا احبتى لورود بعض الاسماء رغم اانى تمردت على ذلك لخوفى من نسيان بعض الاسماء الهامة فى تاريخ تلك الفترة الفخيمة من تاريخ حلتنا العظيم وما ذكر من اسماء لاهمية الاحداث وعدم بتر الجزئيات العليمة منها

لكم الحب ودائما فى تاخى ووئام

اتصل بى بعض الاخوة للسؤال عن اشياء محددة ارى الاجابة فى هذه الاطلالة

والله يا ابو اشرف بالجد ذكرياتكم بتشد الاذهان ويا ريت تحكى لينا براحة براحة بالتفصيل لانوا نحن ما مستعجلين ولا شنو يا ابو الزعيم


ولك يا ابو اشرف منى الود

ابو لين
تحياتى واشواقى
تلك الفترة مازالت عالقة باذهان كل الذين عاشوها ومازالت معظم العلاقات الاجتماعية مبنية على ركائز تلك الفترة ولااتكلم عن شخصى الضعيف فكل من عاش معنا تلك الفترة تحس بانه بنفس المشاعر متى ما التقيته ومن حسن الطالع وبدون مبالغة فقد انعدمت فى الفترة المعنية الخلافات والمشاكل تماما وللاسف لم يكن فينا القائد الماهر الذى كان من المفترض ان يستفيد من تلك العلاقات فى امور ايجابية للحلة

عموما اخى ابو لين اختصرت المسالة بصورة غير مخلة بالمعنى.. متى ما سنحت الفرصة فسوف نحكى بعض الطرائف والمواقف الجميلة واترك المجال لاخوة عاشوا معنا تلك الفترة
لك منى ابو لين كل الود والمحبة لاهتمامك بكل امور الحلة

كثر الله من امثالك ولاازكى على الله احد فانت نعم الرجل

عندما طرحت فكرة الخصوبة الاجتماعية كنت اتوقع من بعض اعضاء المنتدى ان يثروا الساحة بالتعقيب على هذا البوست لانها ذكرى عطرة قل ان يجود الزمان بها
ارجو من الاخوان ابوعبيدة الغزيزيلة وعبده الشفيع وكمال عوض الله وياسين مبارك وفايز محيسى ان يدلون بدلوهم

الأخ محمد سليمان

كم هي جميلة روحك في إجترارك لحقبة زمنية شكلت هوية انسان الدناقلة وفيها تفتق الوعي الجماعي لشباب الحلة كما تروق لك التسمية ، فعلا نحن ندمن الإتكاءة على الماضي الرصين وذلك لخشونة هذا الزمن الذي نعيشه.
أخي أبو أشرف انتو حياتكم تمرحلت تمرحل طبيعي يعني ما في قفز على المراحل لذا تجد شباب تلك الفترة ترسخت فيهم مفاهيم صلبة أكاديمية كانت أم إجتماعية. حتى العلاقات الإجتماعية وضعت لها التسميات الصحيحة ، حتى الميولات العاطفية كانت تصل إلي نهاياتها المنطقية ( الزواج).

الناس في ذاك الزمن محكومه بنسق اخلاقي سليم ووازع ديني قوي لا مجال للمهادنة في أي جُنح مهما كانت مسبباته والقيم التربوية متبًعة من الصغير والكبيرعليه كان المُخرج جيد معدوم النظير.
أما الآن أخي محمد العلاقات الإجتماعية تشابكت خطوطها وتقعَدت ، قيم وسلوكيات قائمة على أُسس رقمية يصعب التعامل معها. فدعنا مجازا أن نُسمي عصركُم بالعصر الذهبي الذي عاشته الحلة وما دونه عصر زيف مُقيت.

تسلم أخي أبو اشراف على هذه الإستفاضة التأريخية المريحة

وينوبك ثواب

دوما
أبو الخاتم