نقطة حبر-(إبن الجراح)

نقطة حبر - أبو عبيدة البشير ( إبن الجراح )

الشكر لكل من عقب على نقطة حبري التي كادت أن تجف . وأخص بالشكر أبو الزعيم ، وأبولين ، وأمل و د. عليسة . لكن اسمحوا لي أن أقف انحناءة وتقدير لرد أخي أبو الخاتم .

لقد افترشت القاموس المحيط وتوسدت مختار الصحاح وتمنيت أن أهاتف سيبويه إن كان حيا حتى أفك شفرات هذه الجمل التكتيكية السلسة ، والسيولة اللفظية المعبرة ، والتدقيق اللغوي المحكم، والنحت التعبيري الشفاف، والخاطرة العفوية التي زانت هذه الأسطر .

لقد وقفت عند بعض مفرداتها مثل (النص المتبرج) و (الفتك اللغوي) وهذه المفردات كنت أتحاشاها في سياق كتاباتي وأخافها في السر والعلن لأن مفردة التبرج مقرونة بالسفور ، ومفردة الفتك مقرونة بالقتل ولكن لأول مره أحس بل أتذوق حلاوة هذه المفردات فوقفت عندها طويلاً بل تمعنت في مفردة التبرج وأمعنت النظر فيها حتى تكشفت وأبرزت مفاتن المعاني وعذوبة الأسلوب .

فلك الله أيها الأسمر الأنيق وجعل الله خواتيمك مسكاً.

إلى مسافرة

أحبتي في منتدى الدناقلة ، كل عام وأنتم بخير بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم أعواماً عديدة وأياماً مديدة .

لم يجف مدادي كما قال لي بعض الأحبة ، ولكن طال غيابي وهاأنذا أعود لكم بعد غربة وشوق وأحمل في داخلي

أحلى الذكريات عن إنسان الدناقلة الذي درجت في الكتابة عنه في مقالي السابق .

فاليوم أنقل ذكرى باتت حبيسة الذاكرة لعقود من الزمن خطها طفل بقلم الرصاص في تلك السني المبكرة من العمر وذاكرة الطفولة لا تنسى أبداً .

الشخصية التي أود التطرق لها هي من الشق الثاني من إنسان الدناقلة (هن شقائق الرجال) .

الحاجة بنت سناجك

واليوم اكتب عنها لمواقفي الكثيرة معها ولصلتها بجدتي (الحاجة فاطمة بنت صبير) وكانت تطلق علي (ود بت صبير) ربما لأن اسمي معقد بعض الشيء أو لطوله وكثرة حروفه .كنت أقضي لها بعض حاجياتها التي تصعب عليها كالصعود فوق الراكوبة لإنزال القصب (عليقة الغنم ) ونظير ذلك كنت أحصل على (عطية مزين ) تدس في يدي حفنة من التمر والفول حتى لا يراها من شاركوني المهمة وهم (ود نبق وقرض ) ولكن كنت أقوم بتوزيعها بيننا بالتساوي حتى لا افقد الرفقة والمعاضدة والإستقواء في المهام الصعبة .

وفي صيف 69-70م بينما كنا نلهو في بداية العطلة الصيفية للمدارس وما أحلى العطلة الصيفية في قريتنا الدناقلة حيث يعود إليها كل من أجبرته ظروف العمل لمفارقتها ، وتعج القرية بالحركة والنشاط والمناشط الصيفية التي درجت الدناقلة على إقامتها كل صيف بشكل مختلف وطعم بطعم بطيخ جروفنا وحلاوة بحلاوة حنبك برارينا .

دخلت سيارة (اللوري) كنا نطلق عليها في ذاك الزمن السفنجة وهي سيارة فورد وتتبعنا سيرها ركضاً حتى ركنت إلي بيت الحاجة (بنت سناجك) رحمها الله ، بالقرب من مسجدنا الكبير بالدناقلة . ترجل عن اللوري رجل أبيض اللون ، مربوع القوام ذو شارب كث طويل يتوشح بندقية خرطوش عرفنا فيما بعد أنه قريب الحاجة أو ربما أخوها ويدعي ( الطيب ود الجارحي) وما أن رأته أوجست في نفسها خيفة وأجهشت بالبكاء كأنها علي موعد معه علي شيء ما .

دعانا فضولنا أو قل تطفلنا ونحن في تلك السن للانتظار بالخارج طويلاً دون ملل لمشاهدة ما يحدث بالداخل عن كثب . فطال انتظارنا حتى تم إقناع الحاجة بالرحيل وبعدها تفشي الخبر وعم الدناقلة بأن الحاجة قد حان وقت رحيلها عن أرض الحب والجمال (الدناقلة) إلي ارض المنشأ والميعاد المرتقب ود راوة . تجمهرت الدناقلة عن بكرة أبيها تحمل عاطفتها الدفاقة التي فاقت هذا الحدث الذي خلد في ذاكرتي وكأني أعيشه اليوم ، ورسم في مخيلتي مشهداً تراجيدياً سالت فيه الأنوف وتقاطرت منه الدموع علي تلك الصدور التي تحمل قلوباً مملوءة بالحب والوفاء وعشرة الأيام .

تأكد الخبر وجاءت نساء الدناقلة ومن هن في سنها ورفيقاتها ولسان حالهن يردد (السمحة قالوا مرحلة ... ويوم رحيلك يا حبيبي ) .

بنت سناجك تلك المرأة العصامية كانت تسكن بمفردها وتملك مجموعة من الأغنام ترعاها وتراعيها و تشاركها ليالي الأنس الجميل . وكانت تطلق عليها أسماء عديدة بمثابة الدلع والغنج مثل بنت الفريق وهي التي لا تشارك أخواتها المرعي (شاة الحلة) ، الرايقة وهي التي لا تناطح رفيقاتها في العليقة وتنتظر حتى يؤتى بصحنها من العليقة ، وأم خير وهي التي تدر لبناً غزيراً سائغاً للشاربين .

شارك أهل الدناقلة الحاجة في لملمة أغراضها والدموع لا تغادر عيونهم فسالت حتى بللت ثيابهم الخفيفة في ذاك الصيف اللافح . حملت السيارة أغراض الحاجة بما في ذلك أغنامها التي كانت تطلق أصواتاً كناية عن الفراق..فراق المرعى (السقاي) والمشرب (الشونة) .

ركبت الحاجة اللوري الذي تحرك رويداً رويدا حينها لوحت الحاجة بيد مرتجفة وعيون أغرقتها الدموع فانطلقت أصوات النساء بالبكاء فأطلق ود الجارحي طلقتين من خرطوشه إذاناً برحيل وعودة الحاجة إلى ديارها المرتقبة تاركةً أهلها وذكرياتها وأحلى أيامها ولسان حالها يقول (يا ليالي الأنس لي عودي يا ليالي) .

كنت أعتقد بأن الحاجة سوف تعود يومأ ما ، ولكن طال انتظاري عقوداً ولم تعد حيث كانت ود راوة أخر محطاتها . رجعتُ بعد انقضاء هذا الحدث الذي هز كل أهلي وأنا أجر رجلي جراً رغم أنني جئت لهذا المكان جرياً خلف اللوري . كنت حزيناً ربما لأنني فقدت (عطية المزين) تلك الحفنة من التميرات والفول المدمس أو ربما فقدت ، وهو الحقيقة ، أماً رؤماً وعضواً فاعلاً في كتلة نساء الدناقلة اللائي أكن لهن الحب والتقدير و الاحترام .

في طريق عودتي ومن على البعد سمعت صوت مذياع عالي حيث انه في ذاك الزمن كان هو المصدر الرئيسي للترفيه والطرب الجميل ، فسمعت أغنية للفنان حمد الريح (إلى مسافرة) فوقفت استرقي السمع حتى نهاية الأغنية فظللت اردد مقطعا من تلك الأغنية قد وافق هذا الحدث (كيفن تسيب يروح بعيد لرحلة مجهولة الأمد يا حليلو) فأفردت لهذه النقطة من الحبر عنواناً ( إلي مسافرة،،،،،،،،)

إبن الجــــــــراح

من طرف ابو الزعيم السبت سبتمبر 12, 2009 3:42 pm

عمنا الروعة الغزالي
وابن الجراح
اولاً رمضان كربم وكل عام وانتم انتم الخير

لست ادري ماذا اكتب
ولكن دعوني اقول لكم والله حرام عليكم ان تحرمونا من هذا الجمال
ما زلت اكرر لا تطولوا الغيبة
لا اريد ان افسد على الاعضاء متعة هذه اللوحة الفنية التي تصور لنا انسان الدناقلة بتعليقي
الغزالي .. ابو عبيدة
لكم الف شكر وانتم تلونون صفحات المنتدى بهذه الروائع
كونوا كما نشتهي لكم من صحة وعافية وراحة بال

وانتم

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من طرف محسن الأحد سبتمبر 13, 2009 8:10 am

يظهر إنو القرية مليئة بالادباء وكتاب القصة والذين كنا لا نعرفهم لولا فكرة هذا المنتدى الذكية00 فشكرا لهذا الابداع وشكرا للمنتدى والقائمين عليه 00ونرجو ان نستمتع بكتابات أخرى مليئة بالشجن ودفئ المحبة لهذه القرية المبدعة00ودمتم

من طرف محمد سليمان الأحد سبتمبر 13, 2009 2:06 pm

الاخوان ثنائى الطرب والابداع
رمضان كريم وكل سنة وانتم طيبون
اولا البوست باسم الغزالى احمد يوسف والمقال باسم لحظك الجراح فهمونا الحاصل
لاازال افاخر واباهى باهلى فى الدناقلة منبع الادب والفن والجمال رغم غياب الهيبة الاعلامية وقد اقترحت من قبل تكوين رابطة الدناقلة للاداب والفنون عندما اكتسفت ان احد اقربائى او ابن خالت بالاصح خلفالله يوسف الامين يقرض الشعر بصورة طيبة وموهوب فى عزف بعض الالات الموسيقية وله دندنات لاتخلو من جمال اداء رغم افتقار الصوت جمعتنا دنية ريد وتفاكرن وعلمت ان بالحلة عدد لاستهان به من الموهوبين يفتقرون الى التكتل والانعتاق فى دنيا الاعلام
لدينا الابداع فى كل المجالات نحتاج لمن يربط خيوط تلك المنظومة ليفرج الق حلتنا الحلوة
هلا فعلتم اتمنى ذلك

من طرف نادوس الثلاثاء أكتوبر 13, 2009 11:34 pm

تربت يداكم ثنائي الادب والفن والجمال تمنيتها شفاهة لكن هذا الوصف المفعم كرسم غارسيا للريف اللاتيني ودونما شاشة للعرض طاالله راينا هذه الجده وبكينا هذا الرحيل الي مسافره اوموسم الهجره الي ودراوه بكاءية الرحيل فقط بنقطه حبر!!ابن الجراح والغزاليفي انتظار المداد

من طرف وجدان الأربعاء أكتوبر 14, 2009 8:41 am

أتمنى دوماً أن تزودونا بكتاباتكم الجميلة والتي تحكي عن زكرياتكم المليئة بالحب والحنين للقرية ، ونحن في أثناء قراءتنا للقصة نعيشها معكم وكأننا موجودين معكم في ذاك الزمن ، وهذا يدل على جمال وسلاسة وروعة كتاباتكم المليئة بالأدب والفن الراقي والإبداع اللغوي . وربنا يزيدكم .

من طرف fathi الأحد أكتوبر 18, 2009 3:19 am

لا اعرف ياابن العم من اين ابدا تساؤلاتى كيف سبقنى هذا السيل الابداعي الجميل وهذا السرد الخلاق ربما اضمحلالي وتبرزخي بين الخيبات والتباساتها واحتضراي في مراقد المزارات لوقتٍ طويل ولهذا فاتنى عبق كلماتك المعتقة بالحنين الي ماض بعيد الي زمن فارق فصولة وارتحل ولملم كل طيبه الي مسارب القسوة هناك يبوح بكل شيئ لم يتبقي منة شيئ سوى زكري تدق حوافها علينا وتأجج كل لمحة صبا وكل لحظة صفا عشناها هناك علي ارض الدناقلة. ارجعتنا ياابن العم الي سنيناً خلت كانت عامرة بالحظات الجميلة والمواقف الطريفة كنت اقرأ البوست وكانى اقرأ للطيب صالح في دومة ودحامد كان وصفك رائعا واختيارك للكلمات في منتهي الدقة .المكان في دواخلك لية اثر واضح وانا اعني المكان بمكوناتة كلها من انسان وطبيعة الخ
اظن نحن موعودون بسيل كبير منك من الابداع وماتنسي انو نحن بنوثق تلك القصص التى هي في الاساس تاريخ وحياة لشخصيات عظيمة في الدناقلة لك التحية

من طرف الامام الثلاثاء مارس 15, 2011 10:43 am

الاخ ابوعبيدة ( نقطة حبر)
الخال الغزالى ( شقاوة طفل قروى)
السلام عليكم ورحمة الله
اخر مشاركة فى هذا البوست كانت بتاريخ 18\10\2009م(15 شهر) هل جف مداد حبركم ام الطفل الصغير كف عن الشغب والشقاوة
مازلنا نطمع فى المزيد لننهل من ابداعكم وفنكم وذكريات ايام الطفوله
ولكم مودتى

من طرف الجعلتي الأربعاء مارس 30, 2011 9:23 am

العم ابوعبيدة
سمعت عمي ابوعبيده ان للحاجة بنت سناجك علاقة خاصة بجدتي الجعلية ستنا
كما لغنيماتها التي عند عودتها لايطيب لها المقام الا ان تزور منزل الجعلية فتعبث بالدقيق وتعبث بالمنزل وعلمت كمان ان تلكم العلاقة ما زالت عالقة بذاكرتكم
هلا حدثتنا عن تلكم العلاقة؟
وكمان علمت من والدي ان الحاجة بت سناجك هي عمته فهي لديها علاقة مع الامين الجعلي

نقطة حبر-(إبن الجراح)

نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)

رد: نقطة حبر-(إبن الجراح)